كتب روحية مجانية
ردود من الكتاب المقدس وآيات شاع عدم فهمها
ما معنى “إلى أبد الآبدين”؟
يستخدم الكتاب المقدس تعبير “إلى أبد الآبدين” في رؤيا ١٤: ١١ و ١٩: ٣ و ٢٠: ١٠
“فصَعِدوا علَى عَرضِ الأرضِ، وأحاطوا بمُعَسكَرِ القِدّيسينَ وبالمدينةِ المَحبوبَةِ، فنَزَلَتْ نارٌ مِنْ عِندِ اللهِ مِنَ السماءِ وأكلَتهُمْ. وإبليسُ الّذي كانَ يُضِلُّهُمْ طُرِحَ في بُحَيرَةِ النّارِ والكِبريتِ، حَيثُ الوَحشُ والنَّبيُّ الكَذّابُ. وسَيُعَذَّبونَ نهارًا وليلًا إلَى أبدِ الآبِدينَ” رؤيا ٢٠: ٩-١٠
ويُستخدم هذا التعبير كثيرا في حجة أن عذاب الأشرار وابليس سيستمر بلا نهاية وقت في الأبدية. ولكن مثل كلمة “أبدي” يعتمد معنى الصفة على الموصوف. عندما يكون الموصوف الله، يكون المعنى مُطلق لأنه أزلي بلا موت. وعندما تصف خلائق فانية فالمعنى مقصور ومحدود على ديمومتها.
نجد هذا الاستخدام في عقاب أرض آدوم في اشعياء ٣٤: ٩- ١٠
“وتَتَحَوَّلُ أنهارُها زِفتًا، وتُرابُها كِبريتًا، وتَصيرُ أرضُها زِفتًا مُشتَعِلًا. ليلًا ونهارًا لا تنطَفِئُ. إلَى الأبدِ يَصعَدُ دُخانُها. مِنْ دَوْرٍ إلَى دَوْرٍ تُخرَبُ. إلَى أبدِ الآبِدينَ لا يكونُ مَنْ يَجتازُ فيها” يقول بأنها “ليلا ونهارا لا تنطفئ” و “إلى الأبد يصعد دخانها”!!! ولكنها احترقت واستمر الحريق “إلى الأبد” حتى هلكت بالكامل وبالتمام ولن تقوم لها قائمة فيما بعد.
في العهد القديم نجد استخدام كلمة “أبدي” بمعنى محدود في عدة أماكن:
– خروج ٢١: ٦ “فيَخدِمُهُ إلَى الأبدِ” عن العبد الذي يريد البقاء مع سيده. واضح بأن هذا العبد وسيده سيموتان مثل باقي البشر وإن اختياره العبد للخدمة لا يجعله عديم الموت!
– ١ صموئيل ١: ٢٢ “مَتَى فُطِمَ الصَّبيُّ آتي بهِ ليَتَراءَى أمامَ الرَّبِّ ويُقيمَ هناكَ إلَى الأبدِ”. هل مات صموئيل أم جعله هذا عديم الموت ليخدم في بيت الرب إلى الأبد حتى بعد ما زال الهيكل نفسه؟ بالطبع تعني هنا الكلمة (إلى نهاية حياته هو) أو (ما دام موجودا).
– فليمون ١: ١٥ “لأنَّهُ رُبَّما لأجلِ هذا افتَرَقَ عنكَ إلَى ساعَةٍ، لكَيْ يكونَ لكَ إلَى الأبدِ”. يقول بولس هنا لفليمون بأن يستقبل انسيمس إلى الأبد! هل يجعلهما هذا عديمي الموت؟؟ بالتأكيد لا. إنه يعنى ما داما أحياء.
– “فهوذا يأتي اليومُ المُتَّقِدُ كالتَّنّورِ، وكُلُّ المُستَكبِرينَ وكُلُّ فاعِلي الشَّرِّ يكونونَ قَشًّا، ويُحرِقُهُمُ اليومُ الآتي، قالَ رَبُّ الجُنودِ، فلا يُبقي لهُمْ أصلًا ولا فرعًا” ملاخي ٤:١
سيهلك الرب إلى الأبد الموت والجحيم أيضا لأن لا حاجة لهما بعد! “وطُرِحَ الموتُ والهاويَةُ في بُحَيرَةِ النّارِ” رؤيا ٢٠:١٤
بعدما يُهلك الرب الأشرار والشرير في النار المعدة لهم (بحيرة النار والكبريت) من الواضح بأن العقاب أبدي أي أن نتيجته نهائية وأبدية. ولا قيامة بعد من هذا العقاب. وليس أن عملية المعاقبة تستمر إلى الأبد بلا نهاية وقت مع أن الجريمة كانت وقتية محدودة بوقت حياة الانسان على الارض.
النار الأبدية
من أين تأتي ضلالة عدم الموت في الجحيم؟ تأتي من الأغريق الذين لا يؤمنون بموت النفس! إن لم تدخل هذه الضلالة الكنائس لفهم الجميع نهاية الأشرارعلى أنها (فناء)!
لاحظ بأن الكتاب المقدس يصف النار بأنها أبدية (ايونيوس aionios ) وليس النفس التي تُلقى فيها! فالنفس فانية بحسب تعليم كل الكتاب المقدس. راجع عدد مجلة استيقظ عن الموت الأول (الموت قبل مجيء الرب ثانية) ومفهوم النفس والروح في الكتاب المقدس.
هل يُناسب العقاب الجريمة؟
نعم! يقول الرب في لوقا ١٢: ٤٧ – ٤٨ “وأمّا ذلكَ العَبدُ الّذي يَعلَمُ إرادَةَ سيِّدِهِ ولا يَستَعِدُّ ولا يَفعَلُ بحَسَبِ إرادَتِهِ، فيُضرَبُ كثيرًا. ولكن الّذي لا يَعلَمُ، ويَفعَلُ ما يَستَحِقُّ ضَرَباتٍ، يُضرَبُ قَليلًا. فكُلُّ مَنْ أُعطيَ كثيرًا يُطلَبُ مِنهُ كثيرٌ، ومَنْ يودِعونَهُ كثيرًا يُطالِبونَهُ بأكثَرَ”. ولكن الضربات هذه ليست بلا نهاية زمن فالعقاب هو الموت الثاني!
وعقاب الخطية هو موت! وليس حياة عذاب إلى ما لا نهاية بحسب الكتاب المقدس: “لأنَّ أُجرَةَ الخَطيَّةِ هي موتٌ، وأمّا هِبَةُ اللهِ فهي حياةٌ أبديَّةٌ بالمَسيحِ يَسوعَ رَبِّنا.” رومية ٦: ٢٣
عقاب ابليس هو ايضا موت وفناء ورماد! وليس خلود في الجحيم: “قد نَجَّستَ مَقادِسَكَ بكَثرَةِ آثامِكَ بظُلمِ تِجارَتِكَ، فأُخرِجُ نارًا مِنْ وسطِكَ فتأكُلُكَ، وأُصَيِّرُكَ رَمادًا علَى الأرضِ أمامَ عَينَيْ كُلِّ مَنْ يَراكَ.” حزقيال ٢٨: ١٨.
ولكن ماذا عن: “وإبليسُ الّذي كانَ يُضِلُّهُمْ طُرِحَ في بُحَيرَةِ النّارِ والكِبريتِ، حَيثُ الوَحشُ والنَّبيُّ الكَذّابُ. وسَيُعَذَّبونَ نهارًا وليلًا إلَى أبدِ الآبِدينَ.” رؤيا ٢٠: ١٠؟ تناولنا موضوع كلمة “ابد” في الكتاب المقدس أعلاه. ومن لوقا ١٢: ٤٧-٤٨ وحزقيال ٢٨: ١٨ وآيات عديدة اخرى نفهم بأن فترة وربما شدة الاحتراق متفاوتة بحسب استحقاق ابليس وملائكته والناس الاشرار للعقاب. ابليس سيحترق اطول فترة على الأغلب لأنه يقول “نهارا وليلا” ويشير هنا إلى أيام. ولكن نهاية الحرق في النار هو الرماد وعدم الوجود إلى الأبد كما يتضح من كل هذه الآيات.
ماذا يحدث بعد نهاية العقاب الأبدي؟
“ثُمَّ رأيتُ سماءً جديدَةً وأرضًا جديدَةً، لأنَّ السماءَ الأولَى والأرضَ الأولَى مَضَتا” رؤيا ٢١: ١
“وتَدوسونَ الأشرارَ لأنَّهُمْ يكونونَ رَمادًا تحتَ بُطونِ أقدامِكُمْ يومَ أفعَلُ هذا، قالَ رَبُّ الجُنودِ.” ملاخي ٤: ٣
كل شيء جديد! لا يتحدث عن مكان شواء الأشرار وابليس معهم على الأرض أو تحتها! بل يصيرون رمادا تحت لعشب الأخضر الجديد الذي يخلقه الرب.
ليس إلهنا حاشا إله سادي يخلق خلائق ويتركها تعيش في الخطية فترة قصيرة ويقوم بشواءها إلى الابد بعد ذلك ويُرغم من يخلّصهم من هذا المكان الرهيب على مشاهدة احباءهم وهم يتعذبون ويصرخون إلى ما لا نهاية. هذه صفات الشيطان بذاته التي بها يشوّه صفات الرب الذي هو “محبة”.
ما معنى دودهم لا يموت ونارهم لا تطفأ؟
نجد هذا التعبير في اشعياء ٦٦: ٢٤ “ويَخرُجونَ ويَرَوْنَ جُثَثَ النّاسِ الّذينَ عَصَوْا علَيَّ، لأنَّ دودَهُمْ لا يَموتُ ونارَهُمْ لا تُطفأُ، ويكونونَ رَذالَةً لكُلِّ ذي جَسَدٍ”. إقرأ كل الاصحاح ستجد أنه يتحدث عن الأرض الجديدة والسماوات الجديدة. وعندما يقول سماوات لا يقصد بالتأكيد عرشا جديدا للرب. فلا يوجد أي سبب في الكتاب المقدس يجعلنا نعتقد بأن الرب سيدمر عرشه والسماء التي هو فيها ويقيمها من جديد. ولكن الغلاف الجوي لهذه الارض وما يحيطه من فضاء يُطلق عليه (سماء) ايضا في الكتاب المقدس.
فالسؤال الآن هل يخرج المؤمنون إذا من المدينة المقدسة أو بيوتهم ليروا جثثا يأكلها الدود؟ وربما جثث اهلهم واصدقاءهم الذين اختاروا أن يتبعوا ابليس إلى الابد؟ هل هذا هو المنظر الممتع والرائحة الزكية التي يقصدها الرب ويكتب عنها الرسول بولس “ما لَمْ ترَ عَينٌ، ولَمْ تسمَعْ أُذُنٌ، ولَمْ يَخطُرْ علَى بالِ إنسانٍ: ما أعَدَّهُ اللهُ للّذينَ يُحِبّونَهُ”؟ بالتأكيد لا. حاشا أن يكون الرب إله سادي بهذا الشكل يجعل المؤمنين يستمتعون بمنظر جثث اولادهم واباءهم مثلا التي يأكلها الدود إلى الأبد ويقول بأن هذه هي المناظر الممتعة التي لا يمكن أن تخطر على بال.
لاحظ هنا التعبيرفي اشعياء جيّدا! “نارهم”! لماذا نارهم؟ ولا يقول هنا النار المتقدة تحت الارض (كما يظن البعض) ولكن هنا النار تخص الاشرار وليس المكان!
لاحظ تعبير “تَمضيَ إلَى جَهَنَّمَ، إلَى النّارِ الّتي لا تُطفأُ” (مرقس ٩: ٤٣). راجع كلمة (جهنم) في أي قاموس كتاب مقدس ستجده يشير إلى وادي ابن هنوم خارج المدينة في أيام الرب يسوع على الارض وهو كان مكان محرقة زبالة المدينة حيث كل نجس كان يُلقى في تلك النار على كومة الزبالة. فالنار هناك كانت متقدة دائما لأنه كان دائما ما يُغذيها من مواد قابلة للاشتعال وكذلك الدود الذي يعمل على تحليل العناصر العضوية سيبقى هناك دود دائما ما دام هناك فضلات عضوية تُضاف باستمرار. ولكن هل وادي هنوم مشتعل الآن خارج اورشليم؟ كلا. لا يمكن إطفاء النار الآكلة إذا ولا ايقاف الدود عن عمله أو تخليص ما يُلقى في النار التي يعدّها الرب للدينونة كما هي الحال مع ما كان يُلقى في وادي هنوم المتقد الذي كان يعرفه اليهود جيدا ويفهمون التعبير هذا. فلا يمكن إنقاذ ما قد احترق وفنى هناك. وما لم تأكله نار المحرقة، أكلته الديدان. كلمة دود هنا باليونانية هي skolex وتعني اليرقان أو الديدان.
لم يُطفئ الرب نار سدوم وعمورة حتى أصبحتا رمادا ولم يوجد لهما مخلّص لأن زمن نعمتهم انقضى وحلّ وقت الدينونة. كذلك لن يُطفئ الرب الذي هو نار آكلة احتراق الاشرار وابليس حتى يفنوا ويصبحوا رمادا. لايوجد مخلص يخلصهم من النار الآكلة.
في أي سياق يكرر الرب ما دوّنه اشعياء؟
إقرأ مرقس ٩: ٤٢ – ٥٠
“ومَنْ أعثَرَ أحَدَ الصِّغارِ المؤمِنينَ بي، فخَيرٌ لهُ لو طوِّقَ عُنُقُهُ بحَجَرِ رَحًى وطُرِحَ في البحرِ” مرقس ٩: ٤٢. هل يحث الرب هنا على الانتحار؟ وهو الذي أقام بشرا من الأموات وأعطى وصية “لا تقتل”؟
“وإنْ أعثَرَتكَ عَينُكَ فاقلَعها. خَيرٌ لكَ أنْ تدخُلَ ملكوتَ اللهِ أعوَرَ مِنْ أنْ تكونَ لكَ عَينانِ وتُطرَحَ في جَهَنَّمِ النّارِ. حَيثُ دودُهُمْ لا يَموتُ والنّارُ لا تُطفأُ.” مرقس ٩: ٤٧ -٤٨. هل يقصد الرب إذا أن يقلع انسان عينه ويكون أعور وهو الذي شفى العمي؟ هل يقصد بأن يقطع انسان يده وهو الذي شفى الايدي والارجل؟ بالتأكيد لا! يستخدم الرب هذا القول ايضا في متى الاصحاح ٥ كتعبير مجازي ليشرح النتائج الأبدية لأتباع ابليس. فأن تقلع عينك لايعني قلعها فعليا ولكن قطعها عن الشر كليا فإن لم تفعل ذلك فالنتيجة بأن جسدك كله سينتهي في المكان الذي تنتهي فيه العين الشريرة أو اليد التي تفعل الشر ولا خلاص من ذلك. وهذا ما فهمه أيوب جيدا حين قال: “عَهدًا قَطَعتُ لعَينَيَّ، فكيفَ أتَطَلَّعُ في عَذراءَ؟… إنْ حادَتْ خَطَواتي عن الطريقِ، وذَهَبَ قَلبي وراءَ عَينَيَّ، أو لَصِقَ عَيبٌ بكَفّي، أزرَعْ وغَيري يأكُلْ، وفُروعي تُستأصَلْ.” ايوب ٣١: ١و٧
واضح بأن الرب يسوع في هذا الاصحاح استخدم أمثلة عينية حيّة من الحياة اليومية في المدينة لتقريب الصورة لأذهان المستمعين. فإن لم نفهم بأنه من الأفضل أن ينتحر الانسان فعليا في البحر ، لماذا نفهم إذا بأن النار الأبدية والدود الأبدي هي مناظر وروائح سيستمتع بها الرب والمؤمنين في الارض الجديدة؟
لماذا اختار الرب يسوع وادي هنوم ليتكلم عن الفناء والدينونة؟
عندما تحدّث الرب يسوع هنا عن جهنم فهم الناس بأنه كان يشير إلى وادي هنوم ، محرقة نفايات اورشليم في عصره كصورة عينية لمحرقة نفايات الخطية في النهاية. ولكن السامعين كانوا على علم تام بالتاريخ الاسود لهذا الوادي. ففي هذا الوادي كان آباءهم عابدي الاوثان يوقدون فيه للوثن مولك ويجيزون اولادهم احياءا في النار “وبَنَوْا مُرتَفَعاتِ توفةَ الّتي في وادي ابنِ هِنّومَ ليُحرِقوا بَنيهِمْ وبَناتِهِمْ بالنّارِ”. ويقول الرب على لسان ارميا: “لذلكَ ها هي أيّامٌ تأتي، يقولُ الرَّبُّ، ولا يُسَمَّى بَعدُ توفةُ ولا وادي ابنِ هِنّومَ، بل وادي القَتلِ. ويَدفِنونَ في توفةَ حتَّى لا يكونَ مَوْضِعٌ. وَتَصِيرُ جُثَثُ هَذَا ٱلشَّعْبِ أُكْلًا لِطُيُورِ ٱلسَّمَاءِ وَلِوُحُوشِ ٱلْأَرْضِ، وَلَا مُزْعِجَ.“. ارميا ٧: ٣٢-٣٣
فهو الوادي الذي فيه احرقوا اولادهم احياء كتقدمة للوثن مولك في زمن الملوك الأشرار آحاز ومنسّى. وقد نجّس الملك المصلح يوشيا “توفة” التي كانت في هذا الوادي لكي لا يحرقوا اولادهم فيه فيما بعد كتقدمة (٢ ملوك ٢٣). ويجمع دارسي الكتاب المقدس بأن “توفة” تعني حديقة لسماع الموسيقى وكانت على الاغلب حديقة ملوكية خضراء في وادي هنوم. وقد دمّرها الملك يوشيا وجعلها مزبلة بعد عبادة الاوثان فيها بابشع الطرق.
ونكرر هنا بأن نار وادي هنوم بقيت مشتعلة طالما تم تزويدها بمواد قابلة للاشتعال ولكن نار وادي هنوم ليست مشتعلة اليوم! كذلك ستبقى نار الدينونة مشتعلة طالما كان هناك أثر للخطية إلى أن تتطهر الارض: “وَلَا تَكُونُ لَعْنَةٌ مَا فِي مَا بَعْدُ.” رؤيا ٢٢:٣ وبالتأكيد أن اللعنة حصلت بسبب الخطية فبزوال الخطية النهائي تزول اللعنة.
فاستخدام الرب يسوع للمثال العيني لوادي هنوم (المزبلة المحترقة) في عصره والمرتبطة بمكان عبادة الاوثان بأبشع الطرق ليس اختيارا عفويا. فهو يذكّر السامعين هنا بتاريخ آباءهم عابدي الاوثان ونبوة الرب بفنائهم في نفس الوادي الذي فيه أحرقوا اولادهم أحياء للوثن.
لفهم معنى “النار التي لا تُطفأ” والدود الذي لا يموت بشكل كامل علينا فهم معنى النار الابدية في الكتاب المقدس. تابع الآية: “فيَمضي هؤُلاءِ إلَى عَذابٍ أبديٍّ والأبرارُ إلَى حياةٍ أبديَّةٍ” متى ٢٥: ٤٦
كلمة “أبدي” في العهد الجديد مترجمة من الكلمة اليونانية (ايونيوس aionios) وهي كلمة تحمل معنى نسبي بالنسبة للموصوف. فعندما يستخدم الكتاب المقدس هذه الكلمة كصفة لله يعني بأنه أزلي، لا نهاية له لأنه يقول في تيموثاوس الاولى ٦: ١٦ ” الّذي وحدَهُ لهُ عَدَمُ الموتِ”! ولكن عندما يستخدم الكتاب هذه الكلمة لما هو غير أزلي مثل الناس أو الأشياء الفانية، تعني (ما دام حيا أو موجودا). ونجد امثلة على هذا في ما يلي.
عقاب نار أبدية
– يهوذا ١: ٧ “كما أنَّ سدومَ وعَمورَةَ والمُدُنَ الّتي حَوْلهُما، إذ زَنَتْ علَى طَريقٍ مِثلِهِما، ومَضَتْ وراءَ جَسَدٍ آخَرَ، جُعِلَتْ عِبرَةً، مُكابِدَةً عِقابَ نارٍ أبديَّةٍ“. هنا يصف يهوذا نار سدوم وعمورة بـ “نار أبدية”. ولكن هذه المدن لا تحترق اليوم! هل لاحظت هذا؟ النار الابدية التي احرقتهما لا تشتعل اليوم! ويقول بطرس في بطرس الثانية ٢: ٦ بأن النار قد حولتهم إلى رماد كدينونة هلاك لهم. “وإذ رَمَّدَ مَدينَتَيْ سدومَ وعَمورَةَ، حَكَمَ علَيهِما بالِانقِلابِ، واضِعًا عِبرَةً للعَتيدينَ أنْ يَفجُروا”. إذا النار “الأبدية” اشتعلت إلى أن أحرقت كل شيء ولم يبقى أي مادة للحرق. ولكن بعد زوال المادة هل نجد النار الابدية تحترق حيث كانت سدوم وعمورة؟ لا! انظر ما يقوله الرب أيضا في ارميا ١٧: ٢٧ “ولكن إنْ لَمْ تسمَعوا لي لتُقَدِّسوا يومَ السَّبتِ لكَيلا تحمِلوا حِملًا ولا تُدخِلوهُ في أبوابِ أورُشَليمَ يومَ السَّبتِ، فإنّي أُشعِلُ نارًا في أبوابِها فتأكُلُ قُصورَ أورُشَليمَ ولا تنطَفِئُ”. وفعلا تم خراب اورشليم واحترقت في سنة ٧٠ م. ولكن هل لازالت قصور اورشليم تحترق بنار لا يمكن إطفاءها؟ أم احترقت في الماضي بنار لم يمكن إطفاءها حينها حتى أتمت ما نطق به الرب؟
وهكذا عندما يعيّن المسيح الأشرار إلى “النار الأبدية” في متى ٢٥: ٤١ “اذهَبوا عَنّي يا مَلاعينُ إلَى النّارِ الأبديَّةِ المُعَدَّةِ لإبليسَ ومَلائكَتِهِ”. لن تُطفأ هذه النار في متى ٣: ١٢ “وأمّا التِّبنُ فيُحرِقُهُ بنارٍ لا تُطفأُ” إلى أن لا تبقي أي شيء من المواد التي ارسلها الرب لفناءها.
الفداء والدينونة الابدية
– عبرانيين ٩: ١٢ “وليس بدَمِ تُيوسٍ وعُجولٍ، بل بدَمِ نَفسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً واحِدَةً إلَى الأقداسِ، فوَجَدَ فِداءً أبديًّا.” عندما يتكلم الكتاب المقدس عن “فِداءً أبديًّ” وعن “الدَّينونَةَ الأبديَّةَ” في عبرانيين ٦: ٢ إنه يتحدث بالتأكيد عن النتائج الأبدية للفداء والدينونة وليس عن عملية فداء ودينونة بلا نهاية وازلية الديمومة. لأنه يقول بأنه يدخل بدمه للفداء الابدي “مرة”. وعن الدينونة نجد كل الآيات تشير إلى يوم الدينونة ولا تذكر بأن هذا اليوم لا نهاية له (يهوذا ١: ٦). فإن كنا نفهم بأن الفداء الابدي لا يعني عملية فداء غير منتهية إلى الازل وإنما نتائج فداء أزلية ترتبت على عملية فداء قام بها “مرة” واحدة. ونفهم بأن الدينونة الأبدية تشير إلى يوم غضب الرب أو يوم الدينونة العظيم ، كيف نفهم إذا بأن العذاب الابدي هو عملية ازلية لا نهاية لها؟
الابدية المحدودة بما هو فاني
– فليمون ١: ١٥-١٦ قَبِل فليمون أُنسيمس إلى الأبد، ولكنه واضح أنه مات في يوم ما ولم يعد يخدمه. “لأنَّهُ رُبَّما لأجلِ هذا افتَرَقَ عنكَ إلَى ساعَةٍ، لكَيْ يكونَ لكَ إلَى الأبدِ، لا كعَبدٍ في ما بَعدُ، بل أفضَلَ مِنْ عَبدٍ: أخًا مَحبوبًا…”
– تثنية ١٥: ١٧ يتحدث عن عبد يخدم سيّده إلى الأبد ولكن واضح أن هذا سينتهي عند موته. “فيكونَ لكَ عَبدًا مؤَبَّدًا”.
– اخبار الأيام الاولى ٢٨: ٤ يقول بأن داود سيكون ملكا إلى الأبد ولكنه حكم لأربعين سنة فقط. “وقَدِ اختارَني الرَّبُّ إلهُ إسرائيلَ مِنْ كُلِّ بَيتِ أبي لأكونَ مَلِكًا علَى إسرائيلَ إلَى الأبدِ”.
– يونان ٢: ٦ يقول بأنه كان في جوف الحوت إلى الأبد ولكن الرب يسوع يقول بأنه كان هناك ثلاث ايام وليال (متى ١٢: ٣٩-٤٠).
“فيَمضي هؤُلاءِ إلَى عَذابٍ أبديٍّ والأبرارُ إلَى حياةٍ أبديَّةٍ” متى ٢٥: ٤٦
في نفس المنظور من هذه الآيات العديدة التي تخبر بهلاك وفناء وابادة الأشرار وصيرانهم رمادا (ملاخي ٤: ٣) لا يمكن أن يناقض الرب يسوع نفسه في هذا الموضوع في متى ٢٥: ٤٦ “فيَمضي هؤُلاءِ إلَى عَذابٍ أبديٍّ والأبرارُ إلَى حياةٍ أبديَّةٍ”. الاختيار هو حياة أو موت (تكوين ٢: ١٧). وإن كانت الحياة أبدية فإن الموت أيضا أبدي. بمعنى آخر إما أن تحيا في ومع المسيح إلى الأبد ولا يكون سقوط من النعمة فيما بعد. وهذه الابدية ممكنة فقط لأنك تعيش مع الأزلي عديم الموت الذي يعطيك سلطانا أن تأكل من شجرة الحياة لتبقى على قيد الحياة “مَنْ يَغلِبُ فسأُعطيهِ أنْ يأكُلَ مِنْ شَجَرَةِ الحياةِ الّتي في وسَطِ فِردَوْسِ اللهِ… مَنْ يَغلِبُ فلا يؤذيهِ الموتُ الثّاني” رؤيا ٢: ٧و١١. أم تفنى وتبيد إلى الأبد وتصير رمادا ولا يكون خلاص أو عودة من ذلك فيما بعد. النتائج هي أبدية للاختيارين. فإن كان الرب يسوع لا يُناقض نفسه فإن تعبير “عذاب أبدي” هو نتيجة أبدية ونهائية لعذاب الدينونة الذي سيتم مرة في يوم الدينونة. وفي سفر الرؤيا نجد بأن هذا العذاب هو الموت الثاني الذي لا قيامة منه وهو أبدي.
فيديوهات روحية